٧٧ عامًا على النكبة: المأساة مستمرة
يصادف يوم الخميس الموافق 15 مايو/أيار الذكرى السابعة والسبعين للنكبة. في مثل هذا اليوم من عام 1948، هُجّر أكثر من 750 ألف فلسطيني من ديارهم بعنف، ودُمّرت قراهم، وسُلبت أراضيهم، وشُقّت وطنهم – في عملية تطهير عرقي لم تنتهِ عام 1948.
النكبة ليست فصلاً مُغلقاً من التاريخ، بل هي جرحٌ مفتوح. لم ينتهِ تهجير ملايين الفلسطينيين. اليوم، لا يزال يعيش في المنفى، وفي مخيمات اللاجئين، وتحت الاحتلال العسكري، وفي ظل قوانين تُنكر حق العودة إلى ديارهم، وفي ظل صمت المجتمع الدولي، وفي الإبادة الجماعية* في غزة. النكبة مستمرة اليوم، والأهم من ذلك أن نتذكرها.
ما بدأ عام 1948 يستمر اليوم في غزة والضفة الغربية، وفي جميع أنحاء فلسطين التاريخية. لم يتوقف التهجير القسري للفلسطينيين قط – بل اتخذ أشكالاً جديدة. اليوم، تُسوّي الغارات الجوية أحياءً بأكملها في غزة بالأرض، وتُودي بحياة أكثر من 53 ألف وجرح حوالي 120 ألف فلسطيني ثلثاهم من النساء والأطفال . إنه الحصار الذي يحرم 2.3 مليون شخص من الغذاء والدواء والسلامة. إنه التجويع المُدبّر لشعبٍ أدانته الأمم المتحدة باعتباره مجاعةً من صنع الإنسان. إنه المحاولة المستمرة لمحو حق شعبٍ في الوجود. منحت خطة التقسيم التي وضعتها الأمم المتحدة عام 1947 ما نسبته 52% من فلسطين لدولة يهودية، على الرغم من أن اليهود كانوا يُشكّلون ثلث السكان فقط آنذاك. تلا ذلك حربٌ وتهجيرٌ وأزمة لاجئين استمرت لأجيال. اليوم، يعيش أكثر من سبعة ملايين فلسطيني في المنفى. كثيرٌ ممن يتعرضون للقصف في غزة هم من نسل اللاجئين الأصليين من عام ١٩٤٨. في أوائل مايو ٢٠٢٥، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عن “هجوم مكثف” جديد على غزة و”تهجير سكانها”، مُعيدًا استخدام تكتيكات عام ١٩٤٨. تُشير التقارير إلى أن هذا التصعيد العسكري جزءٌ من خطة أكبر للسيطرة على غزة بأكملها، مع تداعيات واضحة على ضم الضفة الغربية. ما يحدث الآن ليس مجرد صراع معزول، بل هو جزءٌ من جهدٍ طويل الأمد لتهجير شعبٍ مُرتبط ارتباطًا وثيقًا بتأسس دولة إسرائيل
في مركز عمّان لدراسات حقوق الإنسان، نُحيي ذكرى يوم النكبة ليس فقط كيومٍ للذكرى، بل كدعوةٍ إلى العدالة. نقف متضامنين مع الشعب الفلسطيني في نضاله من الاستقلال والكرامة والعدالة والعودة. إن إحياء ذكرى يوم النكبة يعني تكريم الماضي، وتسمية الحاضر، والمطالبة بمستقبلٍ متجذرٍ في القانون الدولي وحقوق الإنسان والشعوب والمساءلة التاريخية.
