مركز عمان لدراسات حقوق الانسان ينظم ندوة لمناقشة مقترح قانون الأحزاب السياسية

تتعالى اليوم الأصوات المطالبة بالاصلاح السياسي ، من أجل السير باتجاه ديموقراطية حقيقية ومن أهم مقومات تحقيق الديموقراطية هو حياة حزبية سياسية ، تساعد في مد جسرا بين المواطن الأردني وبرامج الاصلاح المطروحة ، واليوم ثمة جدل دائر حول قانون الأحزاب السياسية المطروح ، وثمة أصوات تطالب باجراء تعديلات جوهرية على القانون الحالي ، من ضمن حزمة من القوانين التي تحتاج الى تعديل ، من أجل تأمين أساس متين يمهد للتحول الديموقراطي المنشود.
من هنا ، وضمن حزمة من الندوات والنشاطات التي اعتاد مركز عمان لدراسات حقوق الانسان على تسليط الضوء عليها ، وجمع الأطراف المختلفة للمساهمة بتوصيل وجهات النظر على المختلفة ، عقد في مركز عمان
،، ندوة بعنوان قانون الأحزاب السياسية الجديد ،،، آفاقه ، أبعاده ، وتأثيره على التحول الديموقراطي ،،
وقد تم استضافة عدد من ممثلي القوى والأحزاب السياسية الناشطة على الساحة الأردنية ،، للمناقشة حول ، مدى استجابة القانون لمتطلبات الربيع العربي ، وقد توافقت جميع الأحزاب السياسية ، على أن هناك حاجة لتغيير حقيقي ، وهذا لن يتحقق الا في ظل قوانين تشجع على العمل الحزبي ،، فهل يلبي هذا القانون هذه التطلعات ؟ وما هي الاقتراحات التي ترتأيها الأحزاب السياسية من أجل الخروج بقانون أحزاب يساعد في تنشيط الحياة السياسية؟
أدار الجلسة كل من الدكتور ابراهيم حجازين ، من التجمع الأردني الديموقراطي ، والسيد سالم قبيلات من مركز عمان لدراسات حقوق الانسان .
كما حضر الندوة ،، كل من السيد فهمي الكتوت ، من ( الجبهة الوطنية للاصلاح) ، والسيد محمد حمو من ( حزب الشعب الديموقراطي الأردني ، حشد) ، ود. ناصر الشرعة من (حزب الوسط الاسلامي) ، والمهندسان عيسى حدادين ، واميل الغوري عن( حركة موطني) تحت التأسيس، والسيد محمود محيلان ، من( حزب البعث العربي التقدمي)، والسيد يوسف اللداوي من ( حزب الحركة القومية) ، ، والسيد فوزي السمهوري مدير عام (جمعية جذور لحقوق المواطن)
وقد توافق ممثلي جميع الاحزاب على قضايا وثغرات أساسية في مقترح مشروع قانون الأحزاب ،، والتي ارتكزت بأغلبها على ،، أن هناك مواد في قانون الأحزاب بحاجة الى تعديلات جوهرية .
بدء الحوار حول المادة (2) ، التي توضح مفهوم الحزب وتعريفه ، بأنه تنظيم سياسي مؤلف من جماعة من الأردنيين يؤسس وفقا لأحكام الدستوروهذا القانون ، ثم يحدد النص أهداف الحزب بأن تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية ، والاجتماعية .
وتوافق المشاركون على ان اضافة كلمة القانون وعدم الاكتفاء باحكام الدستور ، هو كلمة حق يراد بها باطل ، والهدف منها تقييد واعاقة تأسيس الأحزاب ، فكان من الأولى الاكتفاء بأن يؤسس الحزب بالاستناد الى أحكام الدستور ، كما وأن حصر أهداف الأحزاب السياسية في المشاركة في الشؤون السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، يقيد حريتها ، فالأولى أن تنص على المشاركة في الشؤون السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والتعليمية وغيرها.
كما وأكد جميع المشاركين ، على أن المادة(5) والتي تحدد عدد مؤسسي الحزب ب 250 شخصا ، وأن لا تقل نسبة النساء فيهم عن 10% ، وأن يكونوا من سبع محافظات على الأقل ، وتحديد نسبة المؤسس لكل محافظة ب 5% ، انتهاك للدستور وللعهود الدولية ويهدف الى تقييد حق المواطنين بتنظيم انفسهم في أحزاب بغض النظر عن العدد ، كما أن اشتراط أن يكون المؤسسين من سبع محافظات ، ايضا ينسف مبدأ المواطنة ، لأن المواطن الأردني هو أردني بغض النظر عن مكان اقامته ، وهذا يدل على عدم التعامل مع الوطن باعتباره وحدة واحدة ، ، وهذا سيؤدي الى تشجيع الهويات الفئوية والعصبويات الفرعية خلال العمل الحزبي ، وهذا يتناقض مع جوهر وفكرة تشكيل الحزب السياسي ، وهو تذويب هذه العصبويات تحت مظلة المواطنة.
كما أكد الحضور على أن المادة(27) والمتعلقة بمسألة الدعم المالي للاحزاب أن يكون بنظام ، سوف يضع مقدرات الحزب المالية تحت سيطرة الحكومة ، فأموال دعم الأحزاب هي حق الأحزاب وليست منة من الحكومة ، فالأصل أن يتم تحديد الحد الأدنى لدعم الأحزاب ضمن قانون ، أما بقاء الدعم بموجب نظام ، فهذا سيتأثر بمزاج الحكومة ، وهو مناقض لمبادىء الحق والعدل، كما توافق المشاركون على أن المادة (28) ج ، والتي تمنح الرئيس الصلاحية بالاضطلاع على حسابات الحزب وتدقيق قيوده المالية ، يخالف استقلالية الحزب السياسي المالية ، لأن الحزب السياسي يجب أن يتمتع بالاستقلالية ، ومؤتمره العام هو صاحب السلطة العليا والذي عليه مهمة مراقبة الأمور المالية ، واقرارها ، ومنح هذه الصلاحية لوزير الداخلية ، شكل من أشكال الوصاية ومصادرة الاستقلالية.
كما وتوافق معظم الحضور ، على أن المادة(29) ، والتي تمنع الحزب السياسي من اجراء أي تعديل على نظامه الداخلي ، أو الاندماج مع حزب آخر الا بموافقة مسبقة من اللجنة المقررة للترخيص للأحزاب ، وهي بحسب القانون وزارة الداخلية ، يعد نوعا من أنواع الرقابة والوصاية والتدخل في شؤون الحزب الداخلية، ومصادرة حرياتها ،، ففي المعايير الدولية هذه الصلاحية مناطة بالمؤتمر العام للحزب فقط ، أو من ينوب عنه .
كما وأجمع الحضور على أهمية أن تكون المفوضية العليا للانتخابات والأحزاب ” أو أي جهة مستقلة ،، هي المخولة والمصرح لها بالترخيص والتسجيل ، بدلا عن وزارة الداخلية.
كما وأشار المشاركين الى أن قانون الأحزاب السياسية ، يجب أن لا يقرأ منفصلا عن قانون الانتخابات وغيره من القوانين الناظمة للعمل السياسي ، وأنه من دون قانون(صديق للأحزاب) ، لا يمكن للحياة الحزبية أن تتطور .
كما اعتبر المشاركون بان تحديد عمر المؤسس للحزب السياسي ب 21 عاما ، وعمر المنتسب للحزب السياسي ب 18 عاما ، لن تشجع الشباب على الانضمام للأحزاب .
وفي معرض النقاش حول المادتين ( 31 و32 ) من القانون ، والتي تنص على أن يتم الطعن في القرارات النهائية للفصل في المخالفات والنزاعات بين أعضاء الحزب ، وترتب عقوبات وأحكام بالحبس على الأعضاء جراء ارتكابهم أي من المخالفات ، تشكل اعتداء على صلاحيات الهيئة الحزبية ومؤتمرها العام الذي يحتفظ بحقة في الفصل في أي خلاف وفق النظام الداخلي للحزب ، وبالنظر الى المادة 32 ، يجد المتمعن فيها بأنها تهدف الى تحويل قادة وأعضاء الحزب الى كتبة تقارير ومخبرين وهذه المادة تتدخل في صلاحيات القضاء ، وأن مسألة العقوبات المترتبة على المخالفين يجب أن يختص فيها قانون العقوبات ، وهذا ليس من اختصاص قانون الاحزاب . كما أجمع ممثلي القوى السياسية المختلفة على أن هذه المادة ، ليست من اختصاص قانون الأحزاب ، هذا شأن قانون العقوبات وهو المخول بمحاسبة المخالفين.
أما المادة(33) ، والتي تنص على أنه يجوز حل الحزب بقرار من محكمة العدل العليا ، بناء على دعوى تقدمها اللجنة ،، في حال خالف الحزب أحكام الفقرتين 1،3 من المادة 16 من الدستور ، وهنا أجمع المشاركون بأن حل الحزب هو مخالفة للفقرة 3 من المادة 16 من الدستور ، ومخالفة للعهود الدولية أيضا ، كما ويترتب على هذه المادة تعسف باستخدام السلطة وتحيزا للسلطة التنفيذية .
وفي نهاية الندوة ، أجمع ممثلي مخلف القوى والأحزاب السياسية على صياغة القانون بشكله الحالي ، فيها الكثير من الضبابية ، والهلامية والتي تقلل من حرية واستقلالية الأحزاب السياسية ، ولا تدل على أن هناك ارادة سياسية جادة في تحقيق حياة حزبية حقيقية ، هذا القانون يسمح بتشكيل أحزاب ديكورية فقط ، ان الدستور والاعلان العالمي لحقوق الانسان ، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،، يكفلوا حق المواطن الأردني بتشكيل الجمعيات والأحزاب ، ولا يجوز لأي قانون تقييد هذا الحق أو تفريغه من مضمونه .