المؤتمرات

كلمة الدكتور نظام عساف / مدير مركز عمان لدراسات حقوق الانسان في المؤتمر الوطني “اليمن الذي نريد”

كلمة الدكتور  نظام عساف / مدير مركز عمان لدراسات حقوق الانسان   في المؤتمر الوطني "اليمن الذي نريد"

دولة الأستاذ سليم الحص / راعي المؤتمر

إسمحو لي ان اشكر منظمي المؤتمر، منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات، لدعوتهم لنا في مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان للمشاركة معكم، مع هذه النخبة المناضلة المشاركة في المؤتمر من نشطاء الشباب والشابات والحقوقيين والحقوقيات

والإعلاميين والإعلاميات والسياسيين والسياسيات الاكاديميين والأكاديميات، هذا المؤتمر الوطني الهام والذي سيبحث في السؤال الهام حول “اليمن الذي نريد”. إنه لشرف كبير لي ولنا في مركز عمان ان نكون بينكم ومعكم هنا، متضامنيين، كما كنا معكم من أول يوم نزل بها شباب وشابات اليمن إلى ساحات التغيير والاصلاح والثورة في صنعاء وتعز وعدن والحديدة وصعده وسائر المدن اليمنية، وهنا من واجبي ان اتوجه بالتحية لأرواح الشهداء ولجرحى الثورة اليمنية متمنيا للجرحى الشفاء العاجل.

أيها الحضور الكريم

كما تعلمون بدأت الشعوب العربية منذ عام ونصف برسم خارطة طريق جديدة لحاضرها ومستقبلها، بعد أن كسرت حاجز الخوف في العقول وفي النفوس وفي التعبير السلمي عن حقها في الحرية والكرامة والانعتاق من عبودية النظم الحاكمة المستبدة وفي كثير من الاحيان والفاسدة، حيث بدأ الحراك الشعبي  في تونس، عندما قدم المواطن التونسي (البوعزيزي)، نفسه قربانا لنهاية حقبة الظلم والاستبداد وبداية حقبة الكرامة والحرية والعدل والمساواة والمشاركة في إدارة شؤون البلاد.

فكانت تونس أول فصل من فصول صناعة التاريخ الحديث في العالم العربي، وتوالت من بعدها الشعوب في غالبية بلداننا العربية بمطالباته بالحرية والديموقراطية والخبز والكرامة، وكان الحكام العرب المخلوعين والمتشبثين بكراسيهم حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، يراهنون على حالة الافقار والتهميش والتخويف الذي تجذر في العقل العربي وفي تكوينه، حتى أصبح جزءا من تشكيلة هذا  العقل، وأصبح يتوارث وينتقل بين الأجيال، فأظهر هذه الشعوب، لبعض الوقت، كما  لو أنها غير راغبة في التغيير، ولاهثة خلف لقمة العيش، وعملت هذه الأنظمة على تنشأت الشاب في عالمنا العربي على قيم الخنوع والخضوع والرضا، والسكون، الا ضمن المساحة التي يسمح بها النظام الحاكم، وهي مساحة شديدة الضيق، إلى أن نجح الشعب التونسي خلع أول رئيس عربي عن مقعده، وبدأت تتشكل كرة الثلج.

بدأت في تونس، وانتقلت لمصر، ثم اليمن، وبعدها ليبيا والبحرين، ثم شهدنا حراكا شعبيا في الأردن وسوريا وفلسطين والعراق، والسعودية وعمان والكويت، وكرة ثلج تكبر، وتتضخم لتفتح أبوابا جديدة من الأمل لدى الشعوب العربية، أملا بالتغيير الذي آن أوانه، فلم يستطع أحد التنبؤ بموعد انفجار الثورات  العربية، حيث تشابهت المطالبات والهتافات في مختلف الدول العربية، فبدأت مطالبها بالقضاء على الفقر والبطالة وتحسين مستوى المعيشة، ثم ارتفع سقفها لمحاسبة الفاسدين وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبدأت الأنظمة الحاكمة وأجهزتها الأمنية الاستخباراتية، وبلطجياتها وشبيحتها، بقمع المتظاهرين ومنعهم بالقوة، وسقط القتلى والجرحى، ليرتفع سقف المطالبات بإسقاط  النظام، ثم انتشر لقاح الربيع العربي في كافة الدول العربية المنتفضة، لتصبح أولى المطالبات الشعبية وآخرها،، هي اسقاط النظام، وانتزاع الحرية والكرامة، لشعوب قررت أن تصنع حريتها بنضالها الشعبي والسلمي.

كلمة الدكتور  نظام عساف / مدير مركز عمان لدراسات حقوق الانسان   في المؤتمر الوطني "اليمن الذي نريد"

أيها الثوار أبتها الثائرات

كانت اليمن من الدول العربية التي ثارت على حكم الرئيس، تطالبه بالتنحي، وتطالب بإغلاق فصل الديكتاتوريات والنظم الشمولية، واغلاق فصل التوريث، وبدأ فصل جديد من الديموقراطية وحكم الشعب. وقدم الشعب اليمني، وعلى مدار أحد عشر شهراً، قد قدم المئات من الشهداء قرابين على مذبح الحرية والديموقراطية، كما سطر الشعب اليمني صوراً غاية في الروعة والصمود، أعجز بكلمات وتركيبات لغوية، عن وصفها.

لقد فاجأ الشعب اليمني العظيم، فاجأ العالم كله، بقدرته الهائلة على الصمود والتمسك بثوابت الوطنية ومطالبه المشروعة، فلم يبخل لأحد عشر شهراً، على وطنه اليمن بالدم والمال، ودفع أبناء اليمن، بشبابه وشاباته، أثماناً باهظة، ربما يكون الإعلام لم ينصفه مثلما أنصف غيره من الثورات، فسلط الضوء على ثورات عربية في بقاع أخرى من العالم العربي وتجاهل ثورة اليمن وتفاصيلها، مثلما تجاهل الثورة البحريتية، مقللا من شأنها وأهميتها، وهي الثورة الأهم، على الاطلاق، والتي تستحق منا أن ننحني احتراما لشعب، لا يخلو منزل من منازله من قطعة سلاح، وربما أكثر، شعب لم يكل ولم يلين يوماً من الانسحاب من الشارع، شعب لم يتنازل عن مطالبه المشروعة والمحقة والعادلة أسوة بشعوب العالم العربي الثائرة، شعب قدم للعالم صورة المظاهرات الشعبية السلمية، وبالملايين، شعب أصر على المضي قدما في اسقاط نظامه الفاسد و المستبد، بسلمية وتحدي مذهلين.

لقد تآمر بعض العالم وبعض الإعلام وبعض الحكومات العربية، على الشعب اليمني، ولم يعطوه حقه من التقدير والدعم والاصفاء إلى مطالب هذا الشعب ،،، وما نشهده منذ أحد عشر شهراً، ما هو إلا تحايلا من قبل بعض الأنظمة العربية وبمباركة دولية و خليجية  على مطالب هذا الشعب العظيم، واصراره على رسم اليمن الجديد  المدني والديمقراطي، يمن الحرية والعدالة والمساواة.

ايها الحضور الكريم ،،،،،

بدأت الثورة في اليمن في 11 فبراير من العام 2011، وهو نفس اليوم الذي سقط فيه النظام المصري، قاد الثورة اليمنية الشباب اليمني، كما خو الحال في الثورات العربية التي سبقته أو لحقت به، و بدأ الثوار  بالمطالبة بالإصلاح والقضاء على الفساد، إلى أن وصلت للمطالبة بإسقاط النظام، وأطلقت المجموعات الشبابية على نفسها اسم “ثورة الشباب اليمني لإسقاط النظام”.

بدأت الاحتجاجات في اليمن بالمطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري وتحقيق الديموقراطية واسقاط حكم الرئيس، بعد أن بدأت بوادر ودلالات لتوريث الحكم لنجله، كما أن سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كانتشار الفساد، البطالة والفقر ومحاولات قمع الاحتجاجات الشعبية في الجنوب، أججت شعلة الثورة .

ايها الحضور الكريم

كما تعلمون فإن الدولة اليمنية المدنية والديقراطية يمكن البلوغ لها عبر تأسيس دولة المؤسسات الحديثة واقامة العدالة الانتقالية، والحكم الرشيد، وبناء العدالة الاجتماعية، والمواطنة المتساوية، والشراكة الحقيقية في السلطة والثروة، واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة الإنسان وحمايتها.

أخيرا ،،،،،،

ان التحدي الأهم الذي يتعين مواجهته في الأيام القادمة، بغض النظر عن مآلات الحراك الاحتجاجي الراهن يكمن في كيفية تجنيب اليمن خطر الانزلاق في شراك الفوضى المدمرة والعنف والحرب الأهلية، ان ثورة الشعب اليمني، بسلميتها، وصمودها، وطهارتها، سيسجلها التاريخ كأنظف وأنقى ثورة، صنعها شعب واع مدرك تماما، لقيم الحرية و الكرامة والعدل والمساواة والحكم الصالح والتنمية المستدامة.

أتمنى أن يخرج مؤتمركم الهام برؤية وطنية شاملة وواضحة المعالم لليمن الجديد الذي تريدون، وأن تتظافر جهود الشباب والشابات في حماية الثورة اليمنية العظيمة، وأن يتمكن مؤتمركم من ايجاد آلية للتعايش بين مختلف ألوان الطيف وبخاصة الشباب في اليمن الذي تريدون.

أنني واثق من قدرتكم على الحوار الديمقراطي وحكمتكم في التوافق على الرؤيا التي ترسم شكل الدولة اليمنية المدنية والديمقراطية وتضمن حياة أفضل ومستقبل واعد لشبابها رجالا ونساء.

مرة أخرى أشكركم على دعوتنا للمشاركة معكم متمنيا لمؤتمركم النجاح والتوفيق خدمة لأهداف للثورة اليمنية العظيمة ولبناء اليمن الجديد.

الرحمة للشهداء والصحة للجرحى والمجد للشعب اليمني صانع الثورة والتغيير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى