ندوة حول الحق في تأسيس نقابة للأساتذة الجامعيين
نظمت الجمعية العربية للحريات الاكاديمية ندوة أدارها د.محمد أحمد القضاة استاذ الأدب الحديث المشارك في الجامعة الاردنية حول الحق في تاسيس نقابة للاساتذة الجامعيين وشارك فيها قرابة 30 استاذ جامعي من مختلف الجامعات الأردنية.
وتحدث فيها د. ابراهيم حجازين المحاضر في جامعة الأردن التطبيقية ونائب رئيس جمعية منتدى عمان لحقوق الإنسان حول مفهوم وواقع الحريات الأكاديمية في الجامعات الأردنية موضحا أن الحريات الأكاديمية توفر أسس ديمومة القيم الثقافية والعلمية والوطنية والاجتماعية والأخلاقية للجامعة بوصفها فضاء للنقاش الحر وتبادل الآراء وحل المشكلات وإنتاج المعرفة وبالتالي تخريج المواطن الحر والواعي المزود بالعلم وقيم الحضارة باعتباره ضمانة لتقدم مجتمعه، مبيناً أن دور الجامعات حساس وعليها يعتمد أفق تطور الدول والمجتمعات، مشدداً على أن الحريات الأكاديمية كمفهوم تعد جزءا من أصيلا من التراث الفكري والقانوني لحقوق الإنسان وهي متضمنة في العديد من المواثيق الدولية التي تنص على الحق في حرية الفكر والرأي والتعبير وتكوين الجمعيات وحق الاجتماع والتجمع وعلى حق التعليم.
وبين حجازين وجود عدد من المواثيق الاقليمية حول الحريات الاكاديمية ، ومنها إعلان عمان للحريات الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والذي صدر عن مؤتمر الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية عقد بمبادرة من مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان في العاصمة عمان عام 2004 .
وأوضح المحاضر أن مفهوم الحريات الأكاديمية يعني:”حرية أنشطة أعضاء الهيئة الأكاديمية في الوصول إلى مختلف أنواع المعرفة والتطورات العلمية وتبادل الأفكار والدراسات والبحوث والإنتاج والتأليف والمحاضرات، وفي استخدام مختلف وسائل التطور الحديثة دون تقييد أو حواجز وصولا لخير المجتمع والإنسان وما تتطلبه هذه الأنشطة من سلوكيات تأخذ أشكالا مختلفة بحسب هذه المؤشرات”.
وطالب المحاضر بضرورة رفع مستوى الوعي بالحريات الأكاديمية من خلال الندوات والمؤتمرات والورشات، وتحفيز الباحثين لتناول مواضيع إبداعية وتحديثية تهم المجتمع من قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، و تطوير النظام التعليمي بعيدا عن التلقين وعدم الاقتصار على الأبحاث لغايات الترقية العلمية، والاهتمام بالبحث العلمي وخاصة في مجال العلوم الإنسانية وعقد مؤتمرات دورية لتبادل المعرفة ومناقشة الأبحاث، وانتخاب الهيئات القيادية والإدارية والعلمية من جانب هيئات التدريس، وفصل ميزانية الجامعات عن موازنة الدولة لتفعيل استقلال الجامعات، وتفعيل حق تكوين الجمعيات والاتحادات والنقابات الخاصة بأعضاء المجتمع الأكاديمي من أساتذة وطلاب وإداريين لحماية مصالحهم وتطويرها، واعتماد الكفاءة العلمية فقط في قبول أعضاء هيئة التدريس.
وتحدث د.غالب فريجات الخبير التربوي عن البعد الدستوري والقانوني في الحق في تأسيس نقابة للأساتذة الجامعيين موضحاً أن الحق في تكوين النقابات يعتبر احد حقوق الانسان ومن أهم المعايير الدولية للعمل التى حرصت الأمم المتحدة على حمايتها وصيانتها، ونصت عليها في دستور منظمة العمل الدولية لعام 1919 واعلان فيلادلفيا لعام 1944″، وفي مختلف المواثيق الدولية لحقوق الانسان التي نصت على أن لكل شخص الحق في إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من اجل حماية مصالحه.
وبين فريجات ان المعايير الدولية لحرية التنظيم النقابي تتضمن المباديء التالية : ضمان حق المواطنين في انشاء النقابات دون أي قيود تحول دون ممارسة هذا الحق ومنها الاذن المسبق او الترخيص وان يناط كل ما يتعلق بذلك بالسلطة القضائية، وتكتسب النقابة شخصيتها الاعتبارية بمجرد اعلام السلطة بذلك، وعليه تستطيع ممارسة اعمالها وان يكون لهذه النقابات الحرية الكاملة في وضع انظمتها الداخلية مع مراعاة النقابات المهنية التي يكون سند انشاءها تشريعي بمعنى قانوني، و مراعاة الشفافية والنزاهة والحاكمية الرشيدة في ممارسة اعمالها وحقها في تعديل انظمتها دون تدخل من السلطات العامة، وحق النقابات في انشاء الاتحادات العامة والاقليمية والدولية والانضمام اليها ، و حرية الانتساب والانضمام للنقابات شريطة الالتزام بنظام هذه النقابات ، و حق النقابات في المفاوضات الجماعية وابرام العقود الجماعية المشتركة وحقها في الاضراب ، و عدم تفويض السلطات العامة صلاحية حل النقابة واناطة ذلك بنظام النقابة، وان يكون خاضع لادارة الهيئات العامة فيها .
وتحدث فريجات عن المعايير الدستورية الأردنية موضحاً ان التشريعات الأردنية التي يقف على رأسها سمواً الدستور الاردني قد كفلت في المادة (16/2) والمادة (23) الحق في تكوين النقابات والانضمام اليها للاردنيين، اذ نصت المادة (16/2) على ان “للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية، على ان تكون غايتها مشروعة ووسائلها سليمة وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور”، كما نصت المادة (23) منه على أن “1- العمل حق لجميع الموطنين وعلى الدول ان توفره للأردنيين بتوجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به….(و) تنظيم نقابي حر ضمن حدود القانون”، مشيرا إلى أن نص الدستور على وضع تشريع يضمن قيام تنظيم نقابي حر ضمن حدود القانون، ويتميز هذا النص الاخير بإيراد كلمة حر، وهي ليست لغوا من قبل المشرع الدستوري، ولكنها يجب ان تحترم لانها تؤكد مبدأين اساسين: الأول حرية المبادرة وعدم تعليق هذا الحق على ارادة أحد أي كان في الانشاء والعمل، والثاني حق هذه النقابات في الاستقلال.
وخلص المحاضر الى ان المادة 23 من الدستور هي المادة الدستورية الوحيدة التي نصت على حق المواطنين الأردنيين في إنشاء نقابات بكافة أنواعها سواء للعاملين في القطاع العام أو الخاص، ولا يوجد أي نص دستوري أخر يؤسس لهذا الحق، بالإضافة إلى ما ورد في الاتفاقيات المصادق عليها من الأردن والتي تلتزم الدولة بضمان حق التنظيم النقابي لكافة المهن والعاملين دون تمييز، مبينا ان الحق في التنظيم النقابي لكافة أنواع المهن ومنها مهنة التعليم انما هو حق أساس مُقر في الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الح، ومن ثم فانه غير قابل للتعدي عليه أو المساس به بوصفه التزاما قانونيا دوليا يسمو على أي قرار أو تشريع داخلي، كما انه مطبق في إطار قوانين المهن المختلفة التي تشمل العاملين في القطاع العام والخاص، علاوة على ان هذا الحق مُقر تشريعاً وممارس عمليا في الدول الغربية التي اخذ عنها الدستور الاردني.
و قدم د. نظام عساف تعريفاً بالأطر النقابية لأساتذة الجامعات في بعض البلدان العربية، وهي تونس ، والجزائر، والمغرب ، والعراق، وفلسطين، واليمن، ومصر، وسوريا والسودان، مبينا أن جميع هذه الدول باستثاء مصر لديها نقابات، على مختلف اشكالها واناطها، لاساتذة الجامعات ، حيث استعرض واقعها في كل بلد على حدة ، مشيرا إلى أن وزير التعليم العالي في مصر اعطي موافقته في شهر نيسان من هذا العام على الشروع بالخطوات العملية لتأسيس نقابة لأساتذة الجامعات في مصر.
وبين المحاضر ان هذه النقابات الوطنية لأساتذة الجامعات تهدف إلى :الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للأساتذة بالتعليم العالي والباحثين، والعمل من أجل استقلال وتوحيد مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي ودمقرطة هياكلها لتلعب الدور المنوط بها في التنمية الشاملة، و إصلاح التعليم العالي بالمشاركة الحقيقية والفعالة لممثلي العاملين فيه وتشجيع البحوث العلمية والتربوية وتبادل التجارب والخبرات في الميدان العلمي والبيداغوجي، وتوسيع مجال البحث العلمي والرفع من مستواه ، والعمل مع منظمات التعليم العالي والبحث العلمي بالخارج وخاصة بالوطن العربي من أجل تحقيق الأهداف المشتركة على أساس معاداة الإمبريالية والصهيونية ومن أجل التقدم الاجتماعي.
وخلص المحاضر إلى أن لأساتذة الجامعات الأردنية الحق في تشكيل نقابات خاصة بهم كما هو حاصل في عدد من البلدان العربية ، وإن تأسيس أي نقابة لأي مهنة كاملة يحتاج إلى جهد وحوار مع الجهات الرسمية من جهة، ومع اصحاب المهنة انفسهم من جهة ثانية، وهذا الجهد والحوار غالباً ما يتوج بتأسيس هذه النقابات والالتحاق في عضويتها التطوعية تدريجياً، و إن مطالبة عدد من الأساتذة في الجامعات الأردنية بتشكيل نقابة خاصة بهم هو مطلب مشروع نأمل أن يحظى بموافقة الجهات الرسمية عليه، متمنياً أن يلتحق بهذا الجهد أوسع عدد ممكن من أساتذة الجامعات الأردنية، مؤكدا على أن الجمعية العربية للحريات الاكاديمية ستتعاون مع جميع الجامعات الأردنية ومع اللجنه النحضيرية لنقابة الأساتذة الجامعيين من أجل تأسيس هذه النقابة على طريق تعزيز الحريات الأكاديمية.
وخلص المشاركين في الندوة إلى حقهم في تأسيس هذه النقابة وضرورة تعزيزي الحوار العلمي البناء مع الجهات الرسمية من جهة وتكثيف الجهود لتوسيع الحوار بين الاساتذة الجامعين وتعريفهم بجهود اللجنة التحضيرية واشراكهم فيها اضافة لنشر ثقافة الحريات الاكاديمية داخل الجامعات الاردنية ، وكذلك ضرورة العمل من اجل حل مشكلة الدكاترة المتعطلين عن العمل أو الين يتعرضون للفصل التعسفي في الجامعات الخاصة.