تقرير صحفي عن ندوة “حول الاصلاح السياسي الديموقراطي في الأردن”
عقد مركز عمان لدراسات حقوق الانسان بتاريخ 5 آذار 2011 ، ندوة حوارية بعنوان ندوة حوارية حول الاصلاح السياسي الديمقرراطي في الاردن في ظل التغيير والاصلاح في الأردن ، في ظل المد الثوري الديموقراطي العربي.
وشارك في الندوة ممثلون عن مختلف القوى السياسية والاحزاب الأردنية ، حيث شارك في الندوة ممثلا عن المبادرة الوطنية المهندس جورج حدادين ، والمهندس خالد رمضان عواد ، المنسق العام للتيار القومي التقدمي ، كما شارك عن حزب البعث العربي الاشتراكي المحامي ضرار الختاتنة ، والدكتور عمر شاهين ممثلا عن حركة اليسار الاجتماعي ، و شارك السيد سالم قبيلات ممثلا عن الشبكة الأردنية لمنظمات المجتمع المدني ، والسيد محمد مسامرة عن حزب حشد ، والسيد نضال مضية عن الحزب الشيوعي الأردني ، كما مثل التجمع الديموقراطي الأردني ، السيد فهمي الكتوت.
تناولت الندوة محورين رئيسيين ، الأول حول ” الأسباب والأهداف والحلول للتغيير والاصلاح الديموقراطي في الأردن ” ، والمحور الثاني ” السبل والمهام المطروحة لتحقيق عملية الاصلاح” ، وقد أدار الحوار في الدكتور ابراهيم حجازين ، الحائز على دكتوراه في التاريخ وهو محاضر غير متفرغ في جامعة البلقاء التطبيقية ، وعضو المجلس العلمي في مركز عمان لدراسات حقوق الانسان.
لقد أجمع ممثلو مختلف القوى السياسية بأن الحراك الاجتماعي الذي يشهده العالم العربي بشكل عام ، والأردن بشكل خاص ، تكمن أسبابه في انتشار حالة من الرفض للسياسات المطبقة تاريخيا والخاصة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي ، وأيضا حراك الشعوب باتجاه تغيير الدور العسكري الذي تمارسه الأنظمة الحاكمه في العالم العربي، كما أجمع المشاركون بأن هناك تأثير للأزمة المالية والاقتصادية والتي ساهمت بزيادة الاحتقان في الشارع العربي . وقد أضاف ممثل (حركة اليسار الاجتماعي ) الدكتور عمر شاهين بأن هناك توجها في العالم يقول بأن الديموقراطية هي غريزة لدى الانسان ، تتشكل مع جيناته ، وتخلق معه ، وهي جزء من احتياجات النفس البشرية ، وهي على حد تعبيره نظرية علمية يؤخذ بها ومتداولة في الدول الغربية الديموقراطية .
أما المهندس خالد رمضان عواد ، المنسق العام في التيار القومي التقدمي ، يرى بأن أسباب الحراك الاجتماعي الذي يشهده الاردن ، هو نمو منظومة الفساد وانتشار الفاسدين ، هذه المنظومة التي أرهقت البلد وأظهرت الأردن بأنها فقيرة لا تمتلك من مصادر الثروة شيئا فلجأت الى بيع الممتلكات العامة ، و أكد المهندس رمضان بأن المجتمعات لم تعد تثق بالأحزاب ولا بالحياة العامة ،لكنها تجد في النزول الى الشارع والمطالبة بالاصلاح هو تعبير عن الرفض للسياسات المتعاقبة ، كما تطرق المهندس رمضان الى انتشار حالة زرع الفتنة بين صفوف الشعب الاردني الواحد ، والتي برأيه تقوم بها المؤسسة الأمنية بالتعاون مع مؤسسات الفساد.
وقد أكد ممثل حزب البعث العربي الاشتراكي ، المحامي ضرار الختاتنة ، بأن سبب هذا الاحتقان والذي أدى الى الحراك في العالم العربي والاردن هو الجوع ، وفساد الأنظمة ، وقلة الكرامة ، على حد تعبيره، أما ممثل حزب حشد الأردني ، السيد محمد مسامرة ، فقد رأى بأن الاصلاحات السياسية في الأردن أصبحت ضرورة ملحة ، وأن الحكومة الحالية غير جادة بالاصلاح ولا يلمس المواطن الأردني العادي الجدية في الاصلاحات التي ادعتها الحكومات السابقة وتدعيها الحكومة الحالية ، لقد فقد المواطن الاردني الثقة برغبة وقدرة وامكانية الحكومات الاردنية على الاصلاح. أما المهندس جورج حدادين من المبادرة الوطنية ، فيعتقد بأن الأزمة موجودة أصلا ، لكن خروجها الى السطح وبهذه الصورة الثورية ، سببه التفرد بالسلطة والتبعية ، فباعتقاده ان الدولة الأردنية ممثلة بسلطاتها السياسية ، لا تمتلك صلاحيات اتخاذ القرار ، بالاضافة الى أن تبعية الدولة قد حجبت الفرصة لقيام دولة منتجة حديثة.
لقد أجمع المحاورين على أن أهداف هذه التحركات الشعبية ، هي اصلاحات سياسية تؤدي الى سيادة ديموقراطية حقيقية ، يكون فيها الشعب مصدر السلطات ، وتؤدي الى اخراج برلمان حقيقي ممثل لكافة شرائح المجتمع الأردني وأطيافه المختلفة ، وحكومات برلمانية ذات أغلبية سياسية ، يختارها البرلمان، كما اتفق المحاورين بأن الاصلاحات السياسية ستؤدي بالضرورة الى اصلاحات اقتصادية واجتماعية، حيث أكد السيد الكتوت ، بأن الفرد العادي قد اكتشف العلاقة الجدلية بين السياسة والاقتصاد .
وقد تراوحت الآراء بين مؤيد لتطبيق الملكية الدستورية الآن ، وبين من لا يرى ضرورة لها في حال تم تعديل مواد الدستور التي تمنح السلطة المطلقة للملك ، الا أن الاجماع كان سيد الموقف بين ممثلي القوى السياسية حول ضرورة العودة لدستور 1952 ، كما دعى المحاورون الى ضرورة وجود محكمة دستورية في قمة السلطة القضائية ، مناط بها الطعن في كافة القوانين الغير دستورية ، ومنع تغول سلطة على أخرى بين السلطات الثلاث.
لقد انتقد المحاورون ، مجلس النواب الحالي ، والمجالس السابقة ، فبرأيهم أنه في ظل قانون الانتخاب المعمول به فان المجالس النيابية لا تمثل المجتمع الأردني ، والحكومات تتغير باستمرار لذا فهي غير معنية ولا جادة بالاصلاح ، ولم يحدث أن تم حجب الثقة عن أي حكومة أردنية بتاريخ الحياة البرلمانية في الأردن ،الا في حالة سمير الرفاعي الأب ، لذلك فالمجلس النيابي ليس أكثر من بوق للسلطة ،و يجب تغيير قانون الصوت الواحد ، و الذي يضعف الوحدة الوطنية في الاردن ، ولا يخرج برلمان ممثل لشرائح الشعب الأردني ، واستبداله بقانون انتخاب يعتمد على القوائم النسبية، أسوة بالدول الديموقراطية في العالم.
أما المحور الثاني والذي طرح تساؤلا حول” رؤية هذه القوى السياسية في السبل والمهام للمضي في تحقيق عملية الاصلاح والتغيير الديموقراطي في الأردن “، فقد أكد السيد الكتوت من التجمع الديموقراطي الأردني على ضرورة التوافق بين مختلف القوى السياسيى الأردنية على خطوط عريضة وقضايا مركزية ، لأنها جميعا معنية بالتغيير ، وضرورة البدء الفوري والسريع بالغاء جميع التعديلات التي طرأت على مواد الدستور واستحداث مواد جديدة ، وتغيير قانون الصوت الواحد ليحل محله قانون انتخاب يعمل بالقوائم النسبية ، فهذا سيزيد اللحمة بين أبناء الشعب الأردني ، كما أكد على ضرورة أن يتم انتخاب مجلس الأعيان ، ثم السير باصلاحات حقيقية وجادة من قبل الحكومة نحو تنمية اقتصادية .
أما الدكتور شاهين من اليسار الاجتماعي ، فقد أكد على أن الاصلاح ينتزع انتزاع ، لأن الحكومة الحالية تقوم باصلاحات شكلية ، وأكد على ضرورة أن تتوافق مختلف القوى السياسية الاردنية على المطالب الرئيسة وطرحها على الجماهير ومتابعة تنفيذها ، وتحديد مهل زمنية لتحقيقها بحيث لا تتجاوز الستة شهور كما أضاف السيد نضال مضية من الحزب الشيوعي الأردني ، بأن الاصلاح الجذري والحقيقي حتى يتم يحتاج أولا الى تنظيم ثم الى انتزاع الاصلاحات لأن التحالف الطبقي الحاكم ، على حد تعبيره ، لن يتنازل عن جزء من الامتيازات الا بالانتزاع. و أضاف السيد قبيلات ممثل الشبكة الأردنية لمنظمات المجتمع المدني ، بأن يجب استغلال هذه الهبة الجماهيرية لصالح التغيير الديموقراطي ، فالحكومة الحالية مثلها مثل أي حكومة سابقة ، لديها هاجس عدم البقاء لفترة طويلة ، لذلك يجب توحيد آليات وبرامج الاصلاح بين مختلف القوى والاحزاب السياسية الاردنية لانتزاع اصلاحات حقيقة.
المهندس خالد رمضان المنسق العام للتيار القومي التقدمي، لم ير بأن القضية قضية فرصة نريد اغتنامها ، و أن الشباب التي تنام في الشوارع لا تسأل عن برامج الحكومات ولا عن برامج القوى السياسية ، لأنها أخذت على عاتقها مهمة الهبة باتجاه الاصلاح ، وأكد رمضان بأن التيار القومي التقدمي يرى تحقيق الاصلاح في الأردن يكون بتعزيز مبدأ المواطنة أولا ، ثم محاربة الفساد والحفاظ على اللحمة الاجتماعية والسعي لبناء دولة مدنية حديثة ، واستغلال ثرواتنا بدون التبعية وبدون الاستفراد بالسلطة، وطالب رمضان وزير الداخلية بأن يعلن للعموم عن عدد المتجنسين ،وعن عدد من تم سحب جنسياتهم ، لأن ما يتم نشره في الأوساط السياسية الأردنية وبين صفوف الشعب الواحد ، أن المؤامرة أصبحت فلسطينية على الأردن وليست اسرائيلية وهذا يؤدي بالضرورة الى شق الصف الأردني وزرع بذور الفتنة ، لأن الهوية الأردنية هي هوية عروبية جامعة أولا وأخيرا ، والحفاظ على الهوية الفلسطينية هو هم أردني قبل أن يكون هم فلسطيني، على حد تعبير رمضان.
أما المحامي الختاتنة ، فقد دعى الى ضرورة تغيير قانون الصوت الواحد الى قانون القوائم النسبية ، بالسرعة من أجل أن تتضح لنا نية الحكومة في الاصلاح ، كما دعا الى ضرورة اعادة صياغة عقد اجتماعي جديد والانتقال نحو الملكية الدستورية ، ودعى الى أن يكون الحوار مع الحكومة من خلال الشارع وليس من خلال طاولات الحوار .
ودعى ممثل حزب حشد ، محمد مسامرة الى ضرورة أن تستخدم القوى السياسية نفس الفزاعة التي تستخدمها الحكومة ، وهي “الوحدة الوطنية ” ، وأن الحراك في الشارع قد ساهم بتقوية الوحدة الوطنية، ووحد صفوف الشارع الأردني.
لقد بحث المشاركون في كيفية تشكيل الكتلة التاريخية ، حيث اعتبر المهندس حدادين بأن الحراك الشعبي في الأردن قد سبق الثورات في تونس ومصر باعتقاده ، لأننا شهدنا حراك (عمال الموانىء) ، و(المزارعين) وحراكات عمالية أخذت تتضح معالمها لدى الشارع الأردني ودخلت في مساماته ، ويرى حدادين بأن الكتلة التاريخية هي كافة القوى والشرائح التي لها مصلحة بتغيير النهج ، والاصلاح برأيه يبدأ عند انهاء انتداب البنك الدولي على الأردن ، وكسر التبعية . أما الدكتور شاهين ، أكد بأن الكتلة التاريخية تأخذ طابع اجتماعي أكثر منه ثوري ، لأن كافة شرائح الشعب متوحدة والجيش معها ، وتوحد تحت مظلتها معظم الطبقات الاجتماعية ، أما الطبقات الحاكمة فهي التي تلعب دور المثير للفتنة ، لقد وصلت الشعوب العربية الى مرحلة متقدمة من الوعي السياسي الذي يستحيل معه أن تقبل أنظمة شمولية سلطوية.
وأنهى السيد مضية من الحزب الشيوعي الأردني ، الحوار بأن مايحدث في الشارع الأردني ، والعالم العربي ، برأيه ، هو ابن شرعي لعملية تراكمية ستقوم بخلخلة النظام الاقتصادي والسياسي القائم ، وهو جزء من حركة نضال سياسي ، اقتصادي ، و اجتماعي عربي.
في نهاية الندوة ، قدم الدكتور ابراهيم حجازين ، ملخصا بين فيه أن معظم القوى والأحزاب السياسية في الأردن متفقة على نهج الاصلاح وآلياته ، ولكنها تحتاج فقط الى توحيد الصفوف وتوحيد الخطاب ، وتحديد مهلة زمنية لتحقيق المطالب الاصلاحية ، كما شكر الدكتور حجازين ، باسم مركز عمان لدراسات حقوق الانسان ممثلة بمديرها العام الدكتور نظام عساف ، ممثلي الأحزاب والقوى السياسية الأردنية على مشاركتها في الحوار البناء ، الذي يهدف الى تقريب وجهات النظر والوقوف على استراتيجيات الاصلاح.
اعداد: لينا جزراوي
باحثة في مركز عمان