نحو رفع سن الزواج إلى 18 سنة
تابع مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان الاحتجاجات التي جرت خلال الفترة القصيرة الماضية على قرار مجلس النواب بعد موافقته على تعديل جديد لبنود في قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (36) لعام 2010، والتي نصت بعد التعديل على منح القاضي الشرعي وبموافقة من قاضي القضاة بإذن تزويج من بلغت او بلغ سن السادسة عشر شمسية، أي الإذن بتزويج القاصر بموافقة من قاضي القضاة، إضافة إلى عدة بنود تم تعديلها من قبل مجلس النواب على القانون نفسه خلال العام الماضي. حيث احتج في حينها العديد من الهيئات الحقوقية النسوية على محتوى التعديلات من كونها تتعلق بحقوق المرأة والطفل والتي تمت الموافقة عليها خلال عام 2018.
وقد تمثلت الاحتجاجات الأخيرة بتصريحات وتبادل للتهم بين المنظمات الأهلية النسوية (حقوقية) من جهة، وجماعة الإخوان المسلمين (الحركة الإسلامية) وأعضاء في مجلس النواب محسوبين على التيار الإصلاحي الإسلامي من جهة أخرى.
أننا كمركز حقوقي يعمل على التوعية في مجال حقوق الإنسان بالمجتمع الأردني نرغب بتوضيح ما يلي:
- إن قانون الأحوال الشخصية الأردني يبلغ درجة عالية من الأهمية، من كونه يمس نظام الحياة الاجتماعية والاقتصادية لكل فرد أردني. كما أن هذا القانون محط أنظار المجتمع الدولي الذي يقيس من خلاله مستوى حياة الفرد الأردني فيما إذا كانت كريمة، أو تحتوي على انتهاكات لحقوقه الشخصية.
- حمل قرار مجلس النواب بالموافقة على التعديلات المرسلة إليه من الحكومة الأردنية ذات التوجه المحافظ، عدة مخالفات وتناقضات مست محتوى العدالة في القوانين الأردنية، وخاصة قرار منح الحرية للقضاء الشرعي بجواز تزويج البالغة من العمر ستة عشر عاما أو تزويج القاصرات، حيث يرى المركز في ذلك مخالفة صريحة، أولا: لما نصت عليه كل الشرائع السماوية وخاصة الشريعة الإسلامية. قال تعالى (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى)، كما أن سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى كافة الأنبياء والمرسلين وسلم قد سن التوصية بالنساء والأطفال، وننوه أن موضوع زواج سيدنا محمد من عدة نساء ومن أعمار مختلفة إلا وأنه الأمر الذي خص الله به سيدنا محمد (ص). كما ولم ترد آية أحاديث نبوية عن سن الزواج أو زواج القصر، وأننا على قناعة تامة بأن الدين الإسلامي، دين سماحة ومحبة وسلام، وجوهر الالتزام به يفترض المحافظة على كرامة الإنسان خاصة النساء والأطفال.
- أما بخصوص الحالات الخاصة التي وردت في قرار المجلس والتي سببتها بالمحافظة على النسيج الاجتماعي الأردني، فإن مجلس النواب والحكومة قد سبق لهم وأن قاموا بحل هذه المشاكل الاجتماعية الاستثنائية من خلال إيجاد مراكز خاصة لهذا الموضوع، تتبع لمديرية الأمن العام ووزارة التنمية الاجتماعية وتعليمات قانون منع الجرائم (وزارة الداخلية).
- التعديلات السالفة مخالفة للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها كل من الحكومة الأردنية ومجلس النواب، وخاصة بما يتعلق بالمادة رقم (24) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تناولت على وجه التحديد حماية الطفل بصفته أو صفته فرد من الأسرة، واحتواء الاتفاقيات الدولية على عدد كبير من المواد المتعلقة بحماية حقوق الطفل، بالإضافة إلى تعهدات الدول الأعضاء ومنها الأردن على الالتزام بتفعيل التفاقي الدولية لحقوق الطفل واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
- إننا نقف إلى جانب التوجهات الملكية السامية والعديدة التي وجهت جميع المسئولين لأخذ كافة الإجراءات التي تحفظ للمرأة والطفل حقوقهم المنصوص عليها في جميع الشرائع السماوية والقوانين الدولية والوضعية.
وبناء على ما تقدم نطالب بما يلي:
- ضرورة العمل على إعادة تعديل قرارات مجلس النواب الأخيرة المتعلقة بعدد من البنود في قانون الأحوال الشخصية، وبخاصة لجهة رفع سن الزواج للفتيان والفتيات إلى سن ثمانية عشرة عاما شمسية، للتوافق مع سن الرشد والأهلية القانونية من جهة، ومع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل المصادق عليها من قبل حكومة المملكة الأردنية الهاشمية من جهة أخرى.
- إعادة دراسة جميع بنود هذا القانون من كونه يوجد عليها العديد من التحفظات المحلية والدولية و تعيق تطوير الحياة المدنية في المجتمع الأردني الذي أصبح مجتمع واع ومثقف بشبابه وشيبانه، وأن الفكرة الموجودة لدى الحكومة الأردنية ذات التوجه المحافظ والتي تعتقد بأن المجتمع الأردني مازال على تفكيره منذ تأسيس الدولة الأردنية، انه الأمر الذي نفنده ونعتبره خاطئ بحق المجتمع.
- إجراء تعديلات جوهرية تراعي الأحوال الاقتصادية التي تؤثر بشكل رئيسي على طبيعة الحياة الاجتماعية إما سلبا أو إيجابا.
- سن قوانين أو إصدار تعليمات من أجل إلزام أعضاء مجلس النواب قبل عقد جلساته التشريعية بالتشاور مع منظمات المجتمع المحلي، وذلك للخروج بتشريعات وقوانين متفق عليها ترضي جميع الأطراف، على غرار اللقاءات التي عقدها مجلس النواب مع أعضاء مجالس اللامركزية.
عمان، في 18/4/2019