دور القوانين في تمكين المرأة …..
شارك مركز عمان لدراسات حقوق الانسان ، وحدة المرأة ، في مؤتمر مؤسسة آنا ليند السويدية ، والذي عقد في تونس في الفترة من 23-26/6 / 2011 ، وقد قدمت منسقة وحدة المرأة في المركز ، لينا جزراوي ، ورقة بعنوان “دور القوانين في تمكين المرأة”
هذا نصها………
دور القوانين في تمكين المرأة …..
في زمن كثر فيه النقاش عن ضرورة تمكين المرأة وازالة كافة المعيقات والقيود التي تعيق تحقيق شراكة حقيقية لها في المجتمع ، كان لابد من الاشارة الى أهمية القوانين والتشريعات في تشكيل أرضية صلبة تنطلق منها المفاهيم الخاصة بحقوق الأفراد رجالا ونساءا.
لقد وضعت منظومة القوانين من أجل أن تحدد للفرد حقوقه وواجباته ، الا أن المرأة قد عانت و على مر التاريخ من تمييز ضدها ، اختلفت حدته بين مجتمع وآخر . لقد عانت المرأة في العالم العربي و معظم المجتمعات من نظرة دونية وتهميش واقصاء من المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية .
من هنا كان لابد من صياغة منظومة قوانين تساعدها على الانخراط في المجتمع بفعالية ، من خلال تشريعات تعترف بانسانيتها وبمواطنتها وبقدراتها ، فالقاعدة القانونية كفيلة بأن تفتح الأبواب الموصدة وتؤمن لها حقوقها المتساوية مع الرجال ، فتدخل المجال العام كشريك حقيقي وليس كتابع.
أهمية القوانين في تمكين المرأة
تعتبر القوانين والتشريعات من الوسائل الرئيسية التي تلعب دوراً في إرساء دعائم التنمية بشتى اشكالها ومجالاتها، وحجر الأساس في تمكين المرأة ، سيما واننا نتحدث عن تحقيق تنمية شاملة، لا يمكن أن تكون أو أن تنجح بدون شراكة حقيقية للمرأة في مجتمعاتنا العربية التي لا تزال تنظر لها نظرة مخلوق ضعيف وناقص. لهذا فالتشريعات التي رافقت مسيرة المرأة الأردنية عبر جميع المراحل كان لها تأثير كبير على هذه المسيرة، إنطلاقا من مرحلة العجز لهذ التشريعات أحيانا عن مساعدة المرأة الأردنية والنهوض بها و مرورا بمرحلة جرى فيها اجراء تعديلات إيجابية إلا انها بقيت دون المستوى المطلوب. وبإلانتقال الى المرحلة الحالية في الأردن، فقد شهدت تغيرا ملحوظا في أوضاع المرأة، و قد إستطاعت هذه التشريعات في مجتمع مازال يحتفظ بثقافة لها خصوصية تحد من الدورالفعال للمرأة – استطاعت التشريعات من نقل المرأة من حالة التقوقع والانحسار داخل منزلها ، الى مرحلة متقدمة تمثلها مثلا ” الترشح للمقاعد النيابية بل الفوز بها و إلى مرحلة وجودها و تعيينها في مجالس الأمة والأعيان وفي الوزارات المختلفة. و إن كان هذا الوجود ديكوريا” في العديد من الحالات.
و المرحلة الحالية في الأردن تمتاز بقوانين مميزة لصالح المرأة و أهمها الكوتا النسائية التي لولا وجودها لما ضمنت المرأة الأردنية تواجدا” معقولا” لها في المجالس النيابية و مجالس الحكم المحلي . و لكن يبقى هذا التواجد خجولا ” و أقل من الطموح و لا يضمن المساواة الحقيقية و لكنه يعتبر خطوة إيجابية في سبيل الوصول إلى المساواة التامة التي هي حق لكل إنسان ذكرا” كان أو أنثى ، الا أننا مازلنا في الأردن نصطدم مع بعض المعيقات التي تعرقل تحقيق ادماج وتمكين للمرأة ،هذه المعيقات ، منها الثقافي ومنها الاجتماعي ومنها السياسي ومنها القانوني ، وأنا هنا بمعرض الحديث عن المعيقات القانونية لما لها من أهمية في تأمين أرض خصبة تنمو فيها ارادة المرأة وحقوقها.
المعيقات القانونية التي مازالت تميز ضده المرأة
لم تنجح التشريعات وحدها في إزالة المعيقات والصعوبات المحيطة بالمرأة الأردنية وفي تحقيق شراكة فاعلة ومؤثرة لها، بسبب قصوربعض المواد القانونية التي تناولت جانبا” من قضايا المرأة وإغفلت جوانب هامة أخرى. فمثلا، إن التعديلات التي أجريت على القوانين الاقتصادية التي تساعد في انخراط المرأة بسوق العمل بهدف تمكينها ، لم تحقق النتائج المرجوة ،بسبب وجود حزمة من القوانين الخاصة بحياة المرأة الأسرية في قانون الأحوال الشخصية ، يكبلها ويضعف دورها الإنتاجي و بالتالي فإن عملية تحديث التشريعات و القوانين يجب أن تتم بطريقة متكاملة و أن يتم النظر إلى القوانين بطريقة تقدمية كوحدة واحدة لا تعديل قانون ما هنا و بقاء قانون آخر متخلف هناك.
كما يجدر الإشارة هنا إلى وجود هوة لواسعة ما بين التشريع و التطبيق. فالوصول الى درجة الكمال يحتم علينا أن نطبق ما هو مكتوب على أرض الواقع وهذا ما لم يتحقق حتى الآن ، فأقلها لو طبق ما ورد في التشريعات فعلا على أرض الواقع لكان كفيلا بأحداث تغيرات معقولة.
مازالت منظومتنا القانونية في العالم العربي بحاجة الى مراجعة شاملة وواسعة من أجل أن يتم سن قوانين تعتبر المرأة مكون أساسي من مكونات المجتمع ،. في الاردن تتوفر لدينا ارادة سياسية جادة في تحسين واقع المرأة الأردنية وتحقيق ادماجها الكامل في كافة القطاعات . كما أن الأردن باعتباره جزءا” من المجتمع الدولي فقد صادق على اتفاقية سيداو كإاعتراف منه بعدم جواز التمييز المبني على أساس الجنس ، وأخذ على نفسه مسؤولية اجراء موائمة بين القوانين الوطنية ومواد اتفاقية سيداو . وقد تم اجراء العديد من التعديلات الخاصة ببعض القوانين، حيث تم اجراء مراجعة شاملة للقوانين الاقتصادية من أجل تشجيع المرأة على الانخراط في سوق العمل وحماية حقوقها . كما تم استحداث قانون يجرم العنف ضد المرأة (قانون العنف الأسري)، بالاضافة الى اجراء تعديلات على بعض مواد قانون العقوبات المتسببة بما يسمى (بجرائم الشرف) . و لكن ما زال هناك الكثير من العمل المطلوب لتحقيق امتيازات أكثر للنساء في بلادنا خصوصا فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية وقانون الجنسية ، فالأول يصطدم مع التشريع الديني و العرف و التقاليد ، والثاني يصطدم مع قضية متعلقة بالبعد الديمغرافي للدولة و هويتها السياسية ، لكن في كلتا الحالتين فالمرأة هي التي تدفع الثمن.
من هنا مطلوب من المرأة في العالم العربي ، أن تقتحم المجتمع بذهنية صاحب الحق الذي يأخذ حقه عندما لا يعطى له . واذا كانت المجتمعات بما يثقلها من تقاليد وموروثات وثقافة قد حجبت المرأة وأبعدتها عن الدور الهام الذي يجب أن تقوم به ، فإن الاصلاحات القانونية والتشريعية يجب أن تترافق مع نضالات المرأة في العالم لتقوم بالدور الطبيعي الذي يقوم به أي عضو فاعل في المجتمع ، من أجل تحقيق التكامل داخل هذا المجتمع.