أيها الرجال انتبهوا … النساء قادمات!!!
حين نتحدث عن قدوم النساء في الاردن ، فنحن لا نتحدث عن قدومهن الى مكان معزول عن العالم أو معزول عن جغرافيا الكرة الارضية ، بل هن قادمات لامحالة ، حاضرات ، ومؤثرات .
فنحن نتحدث عن ظاهرة عالمية ، كونية و شاملة ، هي ظاهرة حصول قضية المرأة على أولوية بين القضايا ، في الاردن كما في العالم.
والتي يشارك فيها الاردن كما المجتمع الدولي ، في الاحتفال بيومها العالمي ، في الثامن من آذار من كل عام ، هو يوم المرأة العالمي ،
والحقيقة …..
أن قضية حرية المرأة ليست مطالبات بحريات ليبرالية كمالية من فئات نسائية أو طبقات اجتماعية محددة، بل هي شديدة الارتباط بنسويات باريس الثائرات ، وببسكويت ماري أنطوانيت.
كيف بدأت هذه المطالبات في العالم؟
فيوم الثامن من آذار في القرن التاسع عشر ، بدأت الحركات العمالية في أمريكا وأوروبا تنتظم لتشكل حركات عمالية تحولت فيما بعد الى قوة سياسية ، والمرأة التي كانت عماد مصانع النسيج في ذلك الوقت ، قد بدأت مطالباتها ، بخفض ساعات العمل ، ورفع الاجور ، ومن بعدها منحها حق الاقتراع ، وكان شعار المظاهرات آنذاك “خبز وورود”.
اذن بدأت قصة المرأة في العالم من خلال طرح مشكلات المرأة العاملة ، ثم امتد هذا الحراك الى أوروبا، وكان لهذا الحراك انعكاسه على الحركات النسوية في امريكا وأوروبا بداية ، وامتد ليؤثرعلى الكتابة في العالم العربي ، وبقالب نسوي ، انطلقت فكرة أن قضايا المرأة لايمكن أن تشاهد الا بعدسة المرأة .
وقد بين نزيه أبو نضال في كتابه “حدائق الانثى” بروز الفكر النسوي في قصص كل من نوال السعداوي وليلى بعلبكي، وكوليت خوري ، وغيرهن.
حيث وضح كيف بدأ الفكر النسوي يترجم ويطرح مخترقا التابوهات ومتجاهلا نوعا ما قوانين التحريم ولائحة الممنوعات ، لهذا بدأت تحارب الكاتبات النسويات أمثال نوال السعداوي في العالم العربي ، فكتب السعداوي قد لعبت دورا تنويريا مهما للخروج بالمرأة والرجل معا ، من عصر الظلمات.
أن الكتابة عن المرأة في العالم العربي ، وبقالب نسوي ، قد ساهم و بشكل كبير في اطلاق حرية التعبير، وأختراق حواجز الممنوع والمسموح ، كما ساهم في ايصال رسالة الى مجتمعاتنا التقليدية ، مفادها أن صورة المرأة في القاموس الذكوري ، من حيث عقلها وفكرها ومشاعرها وحتى سلوكياتها هي ليست كما يعتقد ، فكثير من الذكور ومن خلال عدة قصص وروايات ، مثل قصر الشوق وبين القصرين لنجيب محفوظ ، قد رسموا صورة المرأة الجاهزة للدخول في قالب معد سلفا ، وفق مواصفات حازمة ، عليها الايمان بها وممارستها.
وهنا يراودني افتراض فيه الكثير من المنطق ، لمن يوجهون سهامهم باتجاه كاتبات نسويات مبدعات ، بأنه اذا كان نجيب محفوظ مثلا أكثر قدرة من غيره على كشف جوانب معينة من الحياة من خلال معرفته الحميمة بها ، فان نوال السعداوي وغيرها من الكاتبات النسويات كن أكثر قدرة على تصوير عوالم المرأة وعواصفها ومعاناتها التاريخية، وهذا لايعني أن الأدب النسوي أفضل من الادب الذكوري ، فالكتابة لا تكون نسوية لأن الكاتبة هي امرأة ، بل لأنها تطرح قضية المرأة بالمعنى الجنسوي ،ولأنها تبين الفروقات الثقافية ، أو ما أحب أن أسميه “النوع الثقافي” بدل المصطلح المتداول ” النوع الاجتماعي” ، لأني أؤمن بأن التمييز على أساس الجنس في مجتمعاتنا ، أساسه الثقافة السائدة ، التي تترجم من خلال الأدب والروايات .
وأكاد أجزم …..
بأن الكتابة النسوية ، التي تطرح قضايا المرأة ، أنما تسهم في تحرير الرجل من أوهام زمن “الحرملك” ، كما تسهم في تحرير المرأة من أزمنة الحصار.
فالكتابة عن المرأة ، وطرح قضاياها ، في العالم العربي ، بلا شك تساهم في أن تعبر المرأة عن ذاتها بحرية ، كما تساهم في أن يعيد الرجل تنظيم أفكاره ومعتقداته حول شخصية المرأة الحديثة ،
فيقبلها ويدعمها ويساندها في سعيها التحرري المساواتي، لأنها ان تحررت هي فان الرجل سيتحرر.
هذا زمن المرأة ، ستكون حاضرة ، من خلال الادب والرواية والشعر ، كما هي حاضرة لتخترق حواجز فولاذية ، ولتفتح أبوابا ونوافذ جديدة ، وتتحرر من الذاتية الضيقة والتبعية الفكرية والعاطفية للرجل في الحق والباطل .
لينا جميل جزراوي
وحدة المرأة
مركز عمان لدراسات حقوق الانسان