نشاطات واخبار متفرقة

المعيقات التي تواجه المرأة الأردنية في سعيها نحو المساواة والحلول المطروحة

المقدمة

بدأ تهميش دور المرأة في المجتمع منذ بدأ التاريخ البشري واستمر حتى يومنا هذا ، وبقيت المرأة تابعا للرجل  في كل المجالات ، الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية ، والقانونية ، وتم  تجاهل دورها الانتاجي والتركيز والاهتمام على دورها الأمومي ، فوضعت على  الهامش دائماً إزاء المهام التي تتطلب منها مشاركة فعالة  ، و حرمت من أن تكون شريكا حقيقيا وفاعلا للرجل  في المجال العام وفي ممارسة مهامها الوطنية و السياسية و مشاركتها في السلطة ،

اسمحوا لي أن  أستعرض باختصار، أكثر هذه التحديات تأثيرا على مسيرة المرأة في سعيها نحو المساواة،  وهي التحديات المرتبطة بالقوانين والتشريعات المعمول بها ، والتي تمس حياة المرأة وحقوقها كانسان أولا وأخيرا ، و تشكل معيقا لشراكتها مع الرجل ، لأنها تنتهك حقوقا ، هي حقوق المرأة في الميادين والعامة والخاصة.

ان بعض القوانين و التشريعات الوطنية ، المتعلقة بالحقوق السياسية ، و الحقوق المدنية والاجتماعية ، والحقوق الاقتصادية ، تعيق  تحقيق شراكة مؤثرة للمرأة في عملية صنع القرار .

وسأبدأ ، باستعراض نصوص الدستور الأردني التي أكدت على المساواة بين المواطنين ، لتتبينوا عدم دستورية بعض القوانين المعمول بها.

الدستور الأردني ، لقد نص الدستور الأردني صراحة على المساواة بين المرأة والرجل في مواده ، من خلال نص الفقرة الأولى من المادة السادسة والتي تقول أن “الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.”  كذلك ذهبت الفقرة الثانية من نفس المادة إلى أنه: “تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين.” وذهبت أيضاً المادة (23) إلى ” أن العمل حق لجميع المواطنين ، وعلى الدولة أن توفره للأردنيين بتوجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به”، واخيراً ما ذهبت إليه الفقرة الأولى من المادة (22) إلى أن “لكل أردني الحق في تولي المناصب العامة بالشروط المعينة بالقوانين والأنظمة.” والفقرة الثانية من نفس المادة إلى أن “التعيين للوظائف العامة من دائمة ومؤقتة في الدولة والإدارات الملحقة بها وبالبلديات يكون على أساس الكفاءات والمؤهلات.”، الا ان هناك الكثير من الثغرات القانونية التي لا تنسجم مع بنود الدستور ، و التي أدت الى تهميش دور المرأة واضعافها ، وبالتالي اقصائها من الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

المعيقات القانونية التي تحد من تساوي المرأة مع الرجل في الحقوق،

تعتبر القوانين والتشريعات من أهم الوسائل التي يمكن ان تلعب دوراً بارزا في إرساء دعائم التنمية بشتى اشكالها ومجالاتها، سيما واننا نتحدث عن تنمية شاملة تختص بالمرأة في مجتمعات كانت ولا تزال تضطهدها على إعتبارها مخلوق ضعيف وناقص، لهذا فالتشريعات التي رافقت مسيرة المرأة العربية عبر جميع المراحل كان لها تأثير كبير على هذه المسيرة، إنطلاقا من مرحلة العجز المطلق لهذ التشريعات عن مساعدة المرأة والنهوض بها مرورا بالمرحلة التي وعلى الرغم مما شهدته من تعديلات تخص المرأة إلا انها بقيت دون المستوى المطلوب.

سأبدأ بالقوانين المتعلقة بالحقوق المدنية والاجتماعية،

أولا ، قانون الأحوال الشخصية، فلم ترق التعديلات الاخيرة في قانون الاحوال الشخصية الى مستوى الطموح وأصبح لزاما ، اجراء تعديلات على التعديلات الأخيرة ، فقد أبقت التعديلات الاخيرة على استثناء تزويج من هن أقل من 18 عاما ، وألغت الخلع بعد الدخول ، كما لم تضع ضوابط لحالات الطلاق

التعسفي الذي تتعرض له النساء ، ولا لحالات الزواج المكرر ، لذلك مطلوب اجراء التعديلات التالية ، على قانون الأحوال الشخصية ، :

–  اضافة شرط الى شروط تعدد الزوجات يعطي الحق للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق مع الاحتفاظ بكافة حقوقها الشرعية.

-الغاء الاستثناء في تزويج من هن أقل من سن 18 سنة ، وملاحقة قانونية لكل من يعقد قران لفتاة أقل من سن 18 عاما.

-اعادة النص المتعلق بالخلع بعد الدخول ، مع السماح للمرأة بتقسيط المهر ان لم يكن بقدرتها اعادته دفعة واحدة.

-وضع ضوابط على واقعة الطلاق بحيث يتم تسجيله أمام المحكمة ، ان المرأة بطبيعتها أحرص من الرجل على استمرارية الحياة لزوجية ، وهي معدة ومدربة من الأسرة والمجتمع ، على تحمل كل صنوف الانتهاك والأذى الذي قد تتعرض له في بيت الزوجية ، ولا تطلب الطلاق الا في الحالات المستعصية ، لكن الرجل والذي يملك حق الطلاق ، ويستفرد به ، يمارس تعسفه بهذا الحق بدون رقابة أو سلطة ، لذلك وجدت الحاجة لضوابط تحد من تفرد الزوج بهذا الحق .

ثانيا ، قانون العقوبات ، فهل يحتاج الأردنيون لذريعة من أجل أن يقتلوا بعضهم بعضا ، وفي الغالب تدفع المرأة ثمن مجرد الشك في سلوكها ، ويخرج الجاني بطلا ، لما لا؟ والقانون يكافؤه على فعلته ، بالعذر المخفف ، واسقاط الحق الشخصي ، يجب أن تطبق عقوبة القتل العمد على مرتكبي جرائم الشرف ، وتحقيق التعديلات التالية على قانون العقوبات:

-تعديل المادة 340 المتعلقة بجرائم الشرف برفع الحد الأدنى للعقوبة في حالة العذر المخفف الى ما لا يقل عن خمس سنوات.

-تعديل قانون العقوبات رقم 340 ، والذي اشترط على المرأة في حال فاجأت الزوج في حالة الزنا وقتلته ، أن يكون على فراش الزوجية ، ولم يطبق هذا الشرط على المرأة ، فاعطى الصلاحية لقتل المرأة بداعي الشرف ، واشترط على المرأة أن تستفيد من الحكم المخفف فقط لو ضبطت زوجها على فراش الزوجية، فينبه القانون الزوج أن لا يقدم على فعلته على فراش الزوجية ، ويبحث له عن مكان آخر.

-عدم اعتبار اسقاط الحق الشخصي كسبب مخفف للعقوبة اذا كان المجني عليه من ذات العائلة.

-فرض عقوبة على المغتصب والغاء المادة 308 التي تمنع ملاحقته اذا تزوج من المعتدى عليها.

-تشديد العقوبات على الجرائم التي ترتكب بحق من هم دون الثامنة عشر كجرائم الاغتصاب وهتك العرض.

ثانيا : الحقوق الاقتصادية

ان مرونة القوانين الاقتصادية والحفاظ على حقوق العاملات ، هو من أهم أسباب ضمان مشاركة المرأة في سوق العمل ، مما سينعكس ايجابا على استمرار عجلة التنمية والاستفادة من طاقات نسائية مؤهلة ، يحتاجها الوطن، من هنا يجب اجراء تعديلات على القوانين الاقتصادية بحيث تضمن حقوق العاملات ، وتساعدهن على تحقيق التوازن بين دورهن الأمومي ودورهن الانتاجي.

قانون الضمان الاجتماعي ،

-اشترط القانون لاستحقاق الزوج لراتب زوجته المتوفاة والمؤمن عليها ، أن يكون مصابا بالعجز الكلي وليس له دخل خاص ، وهذا انتهاك صارخ لحق العاملة ، التي اقتطع من راتبها طوال فترة عملها ، ومن حق زوجها أن يرثها ، بغض النظر عن الحالة الصحية والمادية له.

-والدة المؤمن عليه المتوفي ، اذا تزوجت بغير والده ، لا تحصل على راتب ولدها ، وهنا تعاقب الدولة المرأة اذا تزوجت مرة أخرى ، و زواجها لا ينفي صفة الأمومة تجاه ولدها.

قانون العمل،

-سعيا لتساوي المرأة مع الرجل في الأجر ، عند تساوي ظروف العمل ، يجب تعديل النص بتساوي الأجر بين الذكر والانثى عند تساوي ظروف العمل ، وذلك بسبب تدني أجور النساء مقارنة بالرجال لنفس العمل.

-ينص قانون العمل بعدم جواز فصل المرأة الحامل ابتداءا من الشهر السادس ، أو خلال اجازة الأمومة ، وهذا لم يدرء خطر فصل العاملة التي قد تظهر عليها أعراض الحمل قبل الشهر السادس  يجب منع فصل المرأة الحامل بغض النظر عن شهر الحمل.

-للمرأة الحق في أخذ اجازة بدون أجر لمدة سنة ، لتربية أطفالها ، هو تأكيد على أن مهمة تربية الأطفال هي مهمة نسائية بحته ، وهذا يرسخ الصورة النمطية لدور المرأة ، وهذا يتناقض مع التوجه نحو تحقيق مبدأ التشاركية بين الزوج والزوجة داخل مؤسسة الزواج ، بما فيها العناية بالأطفال، يجب تعديل النص بالسماح باجازة احتضان الطفل لأحد الأبوين حسب الاتفاق والاختيار ، ولا تحدد المهمة للمرأة فقط

-ان المادة التي تحدد المهن التي يحظر تشغيل النساء فيها ، تشير الى الدور الوصائي الذي تقوم به الدولة تجاه المرأة ، واعتقد أن امرأة القرن 21 قادرة على اختيار ما يناسبها من مهن ، خصوصا وأنها ماتزال تعاني من نظرة اجتماعية تدفع بها باتجاه مهن تقليدية نمطية وخدماتية.

-يلزم قانون العمل رب العمل على ضرورة استحداث حضانة لأطفال العاملات ، اذا استخدم أكثر من عشرين امرأة متزوجة ، الا أن هناك نساء مطلقات بأطفال ، وأرامل بأطفال ، كما أن من حق الرجال أن يشملهم هذا القانون لو كانوا يحتضنون أطفالهم .

قانون التقاعد المدني،

-عدم قطع الراتب نهائيا عن الزوجة اذا تزوجت أو ترملت للمرة الثانية.

-اعطاء الحق للارملة بالجمع بين راتبها التقاعدي والراتب الموروث عن الزوج المتوفي.

-تعديل تعريف عائلة الموظف ليشمل عائلة الموظفة ، والنص صراحة على استفادة الاخوة والاخوات اذا كانت الموظفة عزباء.

-النص على حق أفراد عائلة الموظفة المتوفاة الاستفادة من راتبها التقاعدي دون شرط الاعالة أو العجز.

ثالثا ،الحقوق السياسية

حق الجنسية

-للمرأة الحق في منح زوجها وأبناءها جنسيتها ، انسجاما مع مبدأ المواطنة والتساوي أمام القانون الذي نص عليه الدستور ، في المادة السادسة ،   إن الدستور الأردني كفل للأردنيين والأردنيات جميعاً حق المواطنة المتزوجون منهم والمتزوجات منهن وغير المتزوجين وغير المتزوجات، وهذا الحق هو حق متكامل وغير منتقص، فلا يحق للقانون أو للمجتمع أن يُملي على المرأة إرادته بمن تتزوج ويوحي لها بطريقة غير مباشرة بالمصاعب التي قد تواجهها إن تزوجت هي بغير أردني وفي نفس الوقت يعطي الحق للرجل الأردني بطريقة مباشرة في الزواج بمن يشاء، ويعطيه الحق في أن يمنح زوجته إقامة في وطنه بعد الزواج وحقه في أن يمنحها جنسيته بعد ثلاث أو خمس سنوات من هذا الزواج.  إن هذا التمايز الجندري الذي يقوم عليه قانون الجنسية الأردنية يتعارض كلياً مع الدستور الأردني ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع جميع التشريعات الدولية التي تطالب بمنح المرأة حقوقها الطبيعية الفطرية.

أخيرا ،

ان حقوق الانسان ، هي ظروف الحياة التي تسمح لنا بالقدرة الكاملة على تطوير واستخدام مالدى البشر من ذكاء وضمير ، وهي حاجة بشرية يسعى اليها الفرد لتحقيق حياة تحظى فيها الكرامة الانسانية بالاحترام والحماية. حقوق الانسان اليوم هي كل لا يتجزأ ، فهي تكامل بين حقوق سياسية ومدنية واجتماعية وثقافية واقتصادية، تسعى لها المرأة كما الرجل . فالمرأة اليوم، ستكون حاضرة ، دائما ، في السياسة وفي التنمية ، في الاستراتيجيات والموازنات  وتخترق الحواجز الفولاذية ،  وتفتح أبوابا ونوافذ جديدة ، تحررها  من الذاتية الضيقة  والتبعية الفكرية والعاطفية للرجل في الحق والباطل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى