أوضاع عمال المنازل والمصريين لم تتحسن منذ 3 سنوات
عدم تحسن أوضاع عمال المنازل والمصريين منذ 3 سنوات حتى الآن وفق دراسة لمركز “تمكين” للمساعدة القانونية وحقوق الانسان نظام استقدام المصريين يولد بيئة محفزة للاستغلال طول مدد التقاضي ووجوب وجود محام.. عقبات أمام العامل الوافد لتحصيل حقوقه
لم تتحسن أوضاع عمال المنازل خلال الثلاث سنوات الماضية كما لم تتحسن أوضاع العمالة المصرية أيضا خلال الفترة ذاتها وفق مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان.
ووفقا للارقام الرسمية التي حصل عليها المركز فإن أعداد هذه الفئة من العمالة ليست بالقليلة مقارنة بالفئات الأخرى إضافة إلى وجود ما يقارب ضعفها من المخالفين.
ويبلغ عدد الحاصلين على تصاريح عمل من عمال المنازل حتى نهاية العام الماضي حوالي 43 الفا، فيما يعمل في المملكة 280 الف عامل وافد من الحاصلين على تصاريح عمل وتقدر أعداد المخالفين بحوالي 200 ألف عامل، منهم ما يقارب 135 الف عامل مصري، أي نسبة 68% من الوافدين، وفق مركز تمكين.
ووفقا لتقرير أصدره المركز خلال الأسبوع الماضي حول أوضاع هاتين الفئتين من العمالة فقد أكد استمرار معاناتهم طوال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث تابع المركز أوضاعهم منذ ثلاث سنوات، ورصد قضاياهم التي بقيت مستمرة حتى الآن.
وتستمر المعاناة وفق تقرير المركز رغم توفير تدابير الحماية لهم والنصوص القانونية، لعدم التطبيق للقوانين والانظمة الخاصة وعدم تفعيل التفتيش.
ويرصد التقرير الفترة ما بين 2011 حتى النصف الاول من العام الجاري، حيث رصد العديد من الانتهاكات التي يتعرض لها بعض العمال المهاجرين في الأردن مثل حجز جوازات سفرهم و أجورهم، وظروف المعيشية مثل النوم في اماكن غير لائقة وضغط وطول ساعات العمل، والحرمان من الحق في الراحة الأسبوعية، إضافة إلى سوء معاملة أصحاب العمل.
وانتقد التقرير حصر اصدار اذن الاقامة وتصريح العمل بيد صاحب العمل، لانه بحال اهمال او امتناع صاحب العمل عن القيام بهذه الالتزامات فان العامل هو من تترتب عليه الغرامات، وهو من تقع عليه العقوبة.
عمال المنازل
بلغ عدد الحاصلين على تصاريح عمل من عمال المنازل حتى نهاية العام الماضي حوالي 43 الف تصريح، وبلغت حالات الوفاة بين العاملات السريلانكيات 19 حالة بينهن 6 حالات انتحار، كما بلغ عدد الوفيات بين العاملات الإندونيسيات 22 حالة إضافة إلى 68 إصابة عمل.
وبين التقرير أن المركز تابع قضايا 747 عاملة اشتكت 530 منهن من حجز جوازات سفرهن من قبل مكاتب الاستقدام أو أصحاب العمل، وعدد منهن قد حصلن على جوازات سفرهن، بعد دفع مبلغ من المال لأصحاب مكاتب الاستقدام أو أصحاب العمل، ما يعد مخالفة لنص المادة (18) من قانون جوازات السفر رقم 3 لسنة 2002، ومخالفة لنص المادة (222) من قانون العقوبات الأردني.
وأضاف أن 465 منهن تم حجز أجورهن بشكل جزئي أو كلي، رغم صدور قرار من وزير العمل بفتح حساب بنكي للعاملة، إلا أن التعامل مع القرار يكون باعتباره متطلبا لاستصدار تصريح العمل فقط.
واستهجن التقرير استثناء العمال المهاجرين من الحد الادنى للاجور الذي رفعته الحكومة ليصبح 190 دينارا بدلا من 150 دينارا، وكذلك تعليمات تنظيم الدخول والخروج والإجازات والعودة للعمال المصريين الحاصلين على تصريح عمل في المملكة ،حيث نصت على شرط حصول العمال على موافقة صاحب العمل للمغادرة في حالة الإجازات والخروج والعودة، كما نصت على اجراء مخالصة بين العامل وصاحب العمل في حالة المغادرة النهائية،ما أوقع العمال ضحايا لابتزاز أصحاب العمل.
المصريون
يعمل في المملكة وفق التقرير 280 الف عامل وافد من الحاصلين على تصاريح عمل وهم نحو 20% من حجم القوى العاملة في الأردن، مقدرا عدد المخالفين بحوالي 200 ألف منهم ما يقارب 135 الف عامل مصري، وعليه فإن العمالة المهاجرة في الأردن قد تمثل ما يقارب 40% من نسبة حجم القوى العاملة.
وبين التقرير ان نظام الاستقدام للمصريين الذين يمثلون نسبة 68% من المهاجرين يولد بيئة محفزة للاستغلال، مشيرا إلى أن طرق الاستقدام تشوبها الكثير من الثغرات.
وأضاف أن النظام فتح الباب أمام السماسرة لتجارة العقود، وخاصة في تصاريح العمل للقطاع الزراعي بسبب سهولة الحصول على تصاريح العمل في هذا القطاع للشروط التفضيلية التي يتمتع بها هذا القطاع، وانخفاض رسوم تصاريح العمل مقارنة مع القطاعات الأخرى.
تبلغ تكاليف فرصة عمل واحدة لعامل مصري وافد إلى الأردن نحو 849 دينارا بما فيها تكاليف تصريح العمل والتأمين، فيما تتضاعف القيمة وفق التقرير مع دخول سماسرة العقود.
ولفت إلى أن غالبية المصريين يعانون من ضياع حقوقهم في الضمان الاجتماعي، حيث تشترط القوانين على العامل المهاجر استخراج تصريح عمل جديد إذا انقضى على انتهاء تصريح عمله مدة 90 يوما من دون سفر العامل إلى بلاده، وذلك لغايات صرف مستحقاته، وقد يؤدي تعنت العديد من أصحاب العمل في تسليم جوازات السفر للعمال عند انتهاء تصاريح العمل بدعوات وحجج كثيرة إلى مضي مدة 90 يوما، كما اشترطت القوانين على غير الحاصل على تصريح عمل سابق أن يسدد قيمة تصريح العمل بأثر رجعي عن كامل مدة اشتراكه في الضمان الاجتماعي.
وبلغت إصابات العمل للمصريين عام 2011 ( 17365 ) إصابة عمل، تراوحت نسبة العجز الناتج عن الإصابة بين 10% و80%، وأكثر من 20% منها بتر في الأطراف،في حين يبلغ معدل عدد الوفيات الناتجة عن إصابات العمل 146 حالة سنوياً. وسجلت أكبر نسبة من إصابات العمل والوفيات الناتجة عنها في قطاع الإنشاءات بنسبة (41،8%)، يليه قطاع الكيماويات، حيث يسبب استنشاق الغازات السامة المنبعثة عجزا بنسبة 81%.
كما انتقد التقرير عدم صدور نظام العاملين في الزراعة تنفيذا لأحكام قانون العمل الصادر في 2008، مشيرة إلى أن انجازات الوزارة في عام 2010 تضمنت إصدار مسودة للنظام، ولم تصدر كنظام، مما قلل من قيمة التعديل للقانون بالنسبة لهم حيث لا يطبق عليهم القانون الى الآن.
التقاضي
وأشار التقرير إلى بعض العقبات التي تعيق حق العمال في التقاضي، مثل طول مدد التقاضي، حيث يغادر غالبية العمال الى بلادهم قبل إنصافهم.
وبين أن وجوب وجود محام في القضايا التي تزيد قيمتها عن الف دينار يشكل عقبة أمام العمال، فلا يكون بمقدورهم التعاقد مع محامين لأسباب مالية.
وأكد أن ما يسبب ضياع الحقوق “سقوط الحق في الأجور العمالية بمرور سنتين وسقوط المطالبة بالتعويض عن الضرر بمرور ثلاث سنوات” الأمر الذي يجده التقرير عقبة أمام عاملات المنازل اللواتي يتم تقييد حريتهن واحتجازهن في المنازل.
وبين أيضا أن نقص المترجمين في المحاكم يسبب فقدان الحق وعدم الوصول إلى العدالة، وأشار إلى أن غالبية العاملات اللاتي يتوفر مترجم “محترف” خلال الجلسات يحصلن على “البراءة” أو “الحق في التعويض” في كلتا الحالتين سواء أكانت مدعية أم مدعى عليها.
ومن العقبات وفق التقرير أن يسجل اصحاب العمل شكوى “سرقة” بحق العامل في حال طالب بحقوقه.
وانتقد اتساع ظاهرة احتجاز العمال في المراكز الامنية وحرمانهم من حرياتهم في حال رغب العامل بترك العمل، رغم صدور تعليمات من مدير الأمن العام في نهاية عام 2011 توضح اجراءات توقيف عمال ابلغ عن تغيبهم.
وقال التقرير ان الإبعاد اصبح يشكل “سيفا على رقاب العمال” كون قرار الإبعاد يصدر بشكل “تلقائي وروتيني وسريع”، ولا يعطى العامل الوقت الكافي للتظلم.
العمل الجبري
وأكد التقرير أن التشريعات ما زالت “قاصرة” إزاء العمل الجبري، فهي لا تتضمن نصوصا فعالة لمكافحته وإنصاف ضحاياه. وما زال القضاء يتعامل مع قضايا العمل الجبري كقضايا عمالية وليس كقضايا جزائية تندرج ضمن قضايا الاتجار بالبشر.
وبين التقرير أنه لم ينجز من الاستراتيجية الوطنية لمنع الاتجار بالبشر اكثر من 25% من بنودها ومحاورها رغم مرور سنتين ونصف السنة على اطلاقها، وينتهي تنفيذها بنهاية العام الجاري، كما لم تجر اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر وفق التقرير أية مراجعة أو تقييم للنصوص القانونية النافذة من أجل التأكد من ملاءمتها أو تعارضها مع قانون منع الاتجار بالبشر.
وأكد التقرير وجود إشكالية في التعرف على الضحايا وتحديدهم، حيث إن موظفي الهجرة ووزارة الصحة يقومون بعملهم بشكل آلي، فتم السماح لعدد كبير من العاملات القاصرات الدخول الى المملكة.
وانتقد التقريرعدم فعالية الفريق الوطني الميداني الذي انشأته اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر للتحقق من شبهة الاتجار بالبشر، كما انتقد عدم انشاء دار لايواء ضحايا الاتجار بالبشر والعمال في نزاع مع القانون.
وعلى الرغم من تخصيص 600 ألف دينار لثلاث سنوات منذ 2011 ضمن موازنة الدولة لمكافحة الاتجار بالبشر وفق التقرير إلا أنه لم يتم إلى الآن إيجاد وحدة للمكافحة.
توصيات
وقدم التقرير للجهات المعنية العديد من التصويات أهمها المطالبة بالزام صاحب العمل بفتح حساب بنكي للعامل المهاجر على ان يتم ربط الحساب بالبنك المركزي، مع التأكيد على ضرورة إنشاء صندوق تسليف من أجل تسديد الأجور المستحقة أو المقضي بها وكذلك غرامات مخالفة قانون الإقامة وبطاقات السفر في حالة إفلاس أو إعسار أو امتناع صاحب العمل عن دفعها.
وشدد التقرير على اهمية إنشاء مأوى مناسب للعمال والعاملات ضحايا الاتجار بالبشر، ومراجعة قانون منع الاتجار لضمان انسجامه مع المعايير الدولية، كما دعا لعدم إبعاد وترحيل أي عامل إلا بقرار قضائي، وعدم اللجوء إلى (حجز الحرية/التوقيف الإداري) أثناء إجراءات الإبعاد أو تصويب الأوضاع أو بسبب مخالفة قانون الإقامة.وقبول كفالة ممثل السفارة للعامل المهاجر وعدم ربطها بكفيل أردني للحد من التوقيف.
ولفت الى اهمية وضع تشريع عملي يجرم الأعمال القسرية في اطار التشريعات الجزائية، وبناء قدرات القضاة في محاكم الصلح من المختصين بالنظر في المطالبات العمالية، ومراجعة كافة الأنظمة والتعليمات ومواءمتها مع الاتفاقيات الدولية، وإلغاء كافة الممارسات التي تكرس نظام الكفالة، وتوفير المترجمين في جميع المؤسسات التي على صلة مباشرة بالعمال المهاجرين.
واقترح التقرير إنشاء مؤسسات خاصة تقوم بتشغيل عاملات المنازل بدوام جزئي دون ضرورة المبيت داخل منزل صاحب العمل، ومراقبة الكلفة التي تفرضها مكاتب الاستقدام على أصحاب العمل.
وطالب التقرير الدول المرسلة للعمالة بتأهيل العمال وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم،واعتماد وكالات تشغيل موثوقة، واحتفاظ سفارات الدول المرسلة بالمعلومات الكاملة عن مواطنيهم.